الشجرة الأم
استيقظ طارق يوم الشجرة متأخراً على غير عادته... وكان
يبدو عليه الحزن. ولما سأل أمه عن أخوته وقالت له انهم
ذهبوا ليغرسوا اشجاراً اضطرب وقلق. قال بغيظ: ومتى ذهبوا ياأمي
أجابت: منذ الصباح الباكر .. ألم يوصوكم في المدرسة أنه يجب أن
يغرس كل منكم شجرة ؟ ألم ينبهوكم إلى أهمية الشجرة
الجبل لغرسها. إنه عيد يابني فلاتحرم نفسك منه
قال طارق وقد بدأ يشعر بالغيرة والندم:لكن الطقس باردجداً ياأمي
ستتجمد أصابعي لو حفرت التراب، وأقدامي ستصقع
أجابت:ومعطفك السميك ذو القبعة هل نسيته؟ وقفازاتك الصوفية ألا
تحمي أصابعك؟ أما قدماك فما أظن أنهما ستصقعان وأنت تحتذي
حذاءك الجلدي المبطن بالفرو
صمت طارق حائراً وأخذ يجول في أنحاء البيت حتى وقعت عينه
على التحفة الزجاجية الجميلة التي تحفظ صور العائلة وهي
على شكل شجرة، ووقف يتأملها
قالت الأم: هل ترى إلى شجرة العائلة هذه؟ إن الأشجار كذلك
هي عائلات... أم وأب وأولاد. وهي تسعد مثلنا إن اجتمعت مع بعضها بعضاً وتكاثرت
فأعطت أشجاراً صغيرة. إن الشجرة هي الحياة يابني ولولاها ماعرفنا الفواكه والثمار
ولا الظلال ومناظر الجمال. إضافة إلى أننا ننتفع بأخشابها وبما تسببه
لنا من أمطار، ثم هل نسيت أن الأشجار تنقي الهواء وتساعدنا
على أن نعيش بصحة جيدة
صمت طارق مفكراً وقال:حسناً... أنا أريد إذن أن أغرس
شجرة.. فهل شجرتي ستصبح أماً
أجابت الأم بفرح: طبعاً... طبعاًيابني. كلما كبرت ستكبر شجرتك معك
وعندما تصبح أنت أباً تصبح هي أماً لأشجار صغيرة أخرى هي عائلتها
وستكون فخوراً جداً بأنك زرعتها
أسرع طارق إلى خزانة ثيابه ليخرج معطفه وقفازاته
سأل أمه بلهفة:هل أستطيع أن ألحق... أخوتي والجميع
ضحكت الأم وقالت: كنت أعرف أنك ستطلب مني ذلك... شجرتك في
الحوض أمام الباب في كيس صغير شفاف... وإنا كما تراني قد ارتديت ثيابي هيا بنا
وانطلق طارق مع أمه فرحاً يقفز بخطوات واسعة... واتجها نحو الجبل
وهما يغنيان للشجرة... شجرة الحياة أنشودة الحياة